أبن النفيس


بسم الله الرحمن الرحيـــم



ابن النفيس



ابن النفيس، علي بن أبي الحزم القرشي الدمشقي (توفي 1288): أحد أشهر علماء وأطباء العرب. ولد في حي الميدان بدمشق. كان إماماً في علم الطب. صنف كتاب "الشامل في الطب". لكتابه "شرح تشريح القانون" أهمية وشهرة كبيرة، كان فيه أول من وصف الدورة الدموية الصغرى، فسبق بذلك وليم هارفي الذي يعزو إليه الأوروبيون هذا الاكتشاف بعدة قرون، إلا أن اكتشافه هذا ظل منسياً حتى مطلع القرن العشرين، حين أعيد تسليط الضوء على أعماله. صحح خطأ جالينوس القائل بجريان الدم من الجانب الأيمن للقلب إلى الجانب الأيسر. شرح أعمال ابن سينا وأبوقراط وحنين بن إسحاق. انتقل إلى مصر حيث ترأس البيمارستان الناصري في القاهرة.
ولمعرفة المزيد عن هذا العالم الكبير سنتحدث بشيء من التفصيل عن حياته لتكون الفائدة عظيمة ان شاء الله.
هو علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي، الملقب بابن النفيس. ولد في نواحي دمشق ونشأ وتعلم بها. فدرس الطب على الدخوار، رئيس المستشفي النوري، وعلى مشاهير الأساتذة أمثال عمران الإسرائيلي، وراضي الدين الرحابى. ثم درَّس الطب بدوره وأشرف على جناح في المستشفى النوري. ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة واشتغل في المستشفى الناصري. وقد ترقى في مناصب الطب إلى أن أصبح رئيس أطباء مصر. وكان معاصروه يعدّونه في مستوى ابن سينا نفسه من حيث المكانة العلمية والمعرفة بالطب. ويروى أنه كان يحفظ قانون ابن سينا عن ظهر قلب، وملماً بكتب جالينوس. "وكانت طريقته في التأليف أن يكتب من حفظه، وتجاربه، ومشاهداته، ومستنبطاته" دون الرجوع إلى أي مرجع.
وكانت لابن النفيس معرفة واسعة بعلوم أخرى كالفلسفة، والمنطق، والنحو، وعلوم الشريعة. ولم يكن ابن النفيس يتقبل الأشياء، وإن كانت منقولة عن مشاهير العلماء، دون جدل أو نقاش. فقد انتقد تعابير جالينوس الطبية ووصفها بالضعف والتعقيد.
إسهامات ابن النفيس في مجال الطب
يعتبر ابن النفيس إمام الطب في عصره، وأحد أطباء دمشق المشهورين. و قد سبق غيره إلى اكتشاف الدورة الدموية الرئوية، ووصفها وصفاً علمياً صحيحاً، فسبق بذلك مايكل سرفتيس Miguel Servede الذي ينسب إليه الأوربيون هذا الاكتشاف.



وقد اعتمد ابن النفيس التشريح طريقةً للعمل وتوصل إلى عدد من النتائج منها :
1. اكتشاف الدورة الدموية في الشرايين الإكليلية ؛
2. جريان الدم إلى الرئتين لمدهما بالهواء وليس لمدهما بالغذاء ؛
3. عدم وجود هواء أو رواسب في شرايين الرئتين (كما ادعى جالينوس) بل وجود الدم فقط.
وللمزيد ايضاً نوجز ما يلي عن حياة ابن النفيس حتى نعرف اهم منجازته العلمية ولمزيد عن حياته الخاصه:

ابن النفيس.. الكاشف والمكشوف
ابن النفيس طبيب ولغوي
لم يأخذ الطبيب العربي "علاء الدين بن النفيس" حقه من الذيوع والشهرة مثل غيره من أطباء المسلمين النابهين، حتى جاء "محيي الدين التطاوي" وهو طبيب مصري كان يدرس في ألمانيا، فكشف عن جهود ابن النفيس في أطروحة علمية لنيل درجة الدكتوراه سنة (1343هـ = 1924) بعنوان: "الدموية الرئوية وفقًا للقرشي". وكان هذا الطبيب النابه قد اطّلع على المخطوطات العربية بمكتبة برلين، فعثر على مخطوطة لابن النفيس بعنوان: "شرح تشريح القانون" أي قانون ابن سينا، فعني بدراسة المخطوطة جيدًا، وبصاحبها، وكتب رسالته العلمية وقدمها لجامعة "فرايبورج" بألمانيا.
غير أن أساتذته والمشرفين على الرسالة أصابتهم الدهشة حين اطلعوا على ما فيها، ولم يصدقوا ما كتبه عن ثقة ويقين، فأرسلوا نسخة من الرسالة إلى الدكتور "مايرهوف" الطبيب المستشرق الألماني الذي كان إذ ذاك بالقاهرة، وطلبوا رأيه فيما كتبه هذا الباحث





النابه، فلما قرأ الرسالة أيّد ما فيها، وأبلغ حقيقة ما كشفه من جهود ابن النفيس إلى المؤرخ "جورج سارتون" فنشر هذه الحقيقة في آخر جزء من كتابه المعروف "تاريخ العلم"، ثم بادر مايرهوف إلى البحث عن مخطوطات أخرى لابن النفيس وعن تراجم له، ونشر نتيجة بحوثه في عدة مقالات، ومنذ ذلك الحين بدأ الاهتمام بهذا العالم الكبير وإعادة اكتشافه.
ويعد علاء الدين واحدا من أعظم الأطباء الذين ظهروا على امتداد تاريخ الطب العربي الإسلامي، مثل أبي بكر الرازي، وابن سينا، والزهراوي. وهو صاحب كتاب "الشامل في الصناعة الطبية"، وهو أضخم موسوعة طبية يكتبها شخص واحد في التاريخ الإنساني.
حياة ابن النفيس
ابن النفيس اكتشف الدورة الدموية الصغرى
في قرية "قَرْش" بالقرب من دمشق ولد "علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي" سنة (607هـ = 1210م) وبدأ تعليمه مثل غيره من المتعلمين؛ فحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة. وقرأ شيئًا من النحو واللغة والفقه والحديث، قبل أن ينصرف إلى دراسة الطب التي اتجه إليها سنة (629هـ = 1231م) وهو في الثانية والعشرين من عمره بعد أزمة صحية ألمّت به. ويقول هو عنها: "قد عرض لنا حميات مختلفة، وكانت سنّنا في ذلك الزمان قريبة من اثنتين وعشرين سنة. ومن حين عوفينا من تلك المرضة حَمَلنا سوء ظننا بأولئك الأطباء (الذين عالجوه) على الاشتغال بصناعة الطب لننفع بها الناس".
وتذكر المصادر التاريخية أنه تعلم قبل ذلك التاريخ على "المهذب الدّخوار" أحد كبار الأطباء في التاريخ الإسلامي، ودرس عليه الطب، وكان رئيسا للأطباء في عصره ويعمل في البيمارستان النوري بدمشق، وتوفي سنة (628هـ = 1230م).
وكانت دمشق في تلك الفترة تحت حكم الأيوبيين الذين كان يعنون بالعلم عامة وبالطب خاصة عناية كبيرة، وجعلوا من دمشق حاضرة للعلوم والفنون، وكانت تضم فيما تضم مكتبة عظيمة تحوي نفائس الكتب، وبيمارستانا عظيما أنشأه نور الدين محمود، واجتذب أمهر أطباء العصر، توافدوا عليه من كل مكان. وفي هذا المعهد العتيد درس ابن النفيس الطب على يد الدخوار، وعمران الإسرائيلي المتوفى سنة (637هـ = 1239م)؛ وكان طبيبًا فذًا وصفه "ابن أبي أصيبعة" الذي زامل ابن النفيس في التلمذة والتدريب على يديه بقوله: "وقد عالج أمراضا كثيرة مزمنة كان أصحابها قد سئموا الحياة، ويئس الأطباء من برئهم، فبرئوا على يديه بأدوية غريبة يصفها أو معالجات بديعة يعرفها".



في القاهرة
وفي سنة (633هـ = 1236م) نزح ابن النفيس إلى القاهرة، والتحق بالبيمارستان الناصري، واستطاع بجدّه واجتهاده أن يصير رئيسًا له، وعميدا للمدرسة الطبية الملتحقة به، ثم انتقل بعد ذلك بسنوات إلى "بيمارستان قلاوون" على إثر اكتمال إنشائه سنة (680هـ = 1281م).
وعاش في القاهرة في بحبوحة من العيش في دار أنيقة، وكان له مجلس يتردد عليه العلماء والأعيان وطلاب العلم يطرحون مسائل الطب والفقه والأدب. ووصفه معاصروه بأنه كان كريم النفس، حسن الخلق، صريح الرأي، متدينًا على المذهب الشافعي؛ ولذلك أفرد له السبكي ترجمة في كتابه "طبقات الشافعية الكبرى" باعتباره فقيهًا شافعيًا. وأوقف قبل وفاته كل ما يملكه من مال وعقار على البيمارستان المنصوري.
ابن النفيس والدورة الدموية
اقترن اسم ابن النفيس باكتشافه الدورة الدموية الصغرى التي سجلها في كتابه "شرح تشريح القانون"، غير أن هذه الحقيقة ظلت مختفية قرونًا طويلة، ونسبت وهمًا إلى الطبيب الإنجليزي "هارفي" المتوفى سنة (1068هـ = 1657م) الذي بحث في دورة الدم بعد ما يزيد على ثلاثة قرون ونصف من وفاة ابن النفيس. وظل الناس يتداولون هذا الوهم حتى أبان عن الحقيقة الدكتور محيي الدين التطاوي في رسالته العلمية.
وكان الطبيب الإيطالي "ألباجو" قد ترجم في سنة (954هـ= 1547م) أقسامًا من كتاب ابن النفيس "شرح تشريح القانون" إلى اللاتينية، وهذا الطبيب أقام ما يقرب من ثلاثين عاما في "الرها" وأتقن اللغة العربية لينقل منها إلى اللاتينية. وكان القسم المتعلق بالدورة الدموية في الرئة ضمن ما ترجمه من أقسام الكتاب، غير أن هذه الترجمة فُقدت، واتفق أن عالما إسبانيًا ليس من رجال الطب كان يدعى "سيرفيتوس" كان يدرس في جامعة باريس اطلع على ما ترجمه "ألباجو" من كتاب ابن النفيس. ونظرًا لاتهام سيرفيتوس في عقيدته، فقد طرد من الجامعة، وتشرد بين المدن، وانتهى به الحال إلى الإعدام حرقًا هو وأكثر كتبه في سنة (1065هـ = 1553م) على أن من عدل الأقدار أن بقيت بعض كتبه دون حرق، كان من بينها ما نقله عن ترجمة ألباجو عن ابن النفيس فيما يخص الدورة الدموية، واعتقد الباحثون أن فضل اكتشافها يعود إلى هذا العالم الإسباني ومن بعده هارفي حتى سنة (1343 = 1924م) حين صحح الطبيب المصري هذا الوهم، وأعاد الحق إلى صاحبه.
وقد أثار ما كتبه الطبيب التطاوي اهتمام الباحثين، وفي مقدمتهم "مايرهوف" المستشرق الألماني الذي كتب في أحد بحوثه عن ابن النفيس: "إن ما أذهلني هو مشابهة، لا بل مماثلة بعض الجمل الأساسية في كلمات سيرفيتوس لأقوال ابن النفيس التي تُرجمت ترجمة حرفية". ولما اطلع "الدوميلي" على المتنين قال: "إن لابن النفيس وصفا للدوران الصغير تطابق كلماته كلمات سيرفيتوس تمامًا، وهكذا فمن الحق الصريح أن يعزى كشف الدوران الرئيس إلى ابن النفيس لا إلى سيرفيتوس أو هارفي".
غير أن اكتشاف الدورة الدموية الصغرى هي واحدة من إسهاماته العديدة فالرجل حسب ما تحدثنا البحوث الجديدة التي كتبت عنه قد اكتشف الدورتين الصغر والكبرى للدورة الدموية، ووضع نظرية باهرة في الإبصار والرؤية،وكشف العديد م الحقائق التشريحي، وجمع شتات المعرفة الطبية والصيدلانية في عصره، وقدم للعلم قواعد للبحث العلمي وتصورات للمنهج العلمي التجريبي.


مؤلفات ابن النفيس

لابن النفيس مؤلفات كثيرة نشر بعضها وما يزال بعضها الآخر حبيس رفوف المخطوطات لم ير النور بعد، من هذه المؤلفات:
- شرح فصول أبقراط، وطبع في بيروت بتحقيق ماهر عبد القادر ويوسف زيدان سنة (1409هـ = 1988م).
- والمهذب في الكحل المجرب، ونشر بتحقيق ظافر الوفائي ومحمد رواس قلعة جي في الرباط سنة (1407هـ = 1986م).
- الموجز في الطب، ونشر عدة مرات، منها مرة بتحقيق عبد المنعم محمد عمر في القاهرة سنة (1406هـ = 1985)، وسبقتها نشرة ماكس مايرهوف ويوسف شاخت ضمن منشورات أكسفورد سنة(1388هـ = 1968م).
- والمختصر في أصول علم الحديث، ونشر بتحقيق يوسف زيدان بالقاهرة سنة (1412هـ = 1991م).
- شرح تشريح القانون، ونشر بتحقيق الدكتور سلمان قطابة بالقاهرة سنة (1408هـ= 1988م) وهو من أهم كتب، وتبرز قيمته في وصفه للدورة الدموية الصغرى، واكتشافه أن عضلات القلب تتغذى من الأوعية المبثوثة في داخلها لا من الدم الموجود في جوفه. ويظهر في الكتاب ثقة ابن النفيس في علمه؛ حيث نقض كلام أعظم طبيبين عرفهما العرب في ذلك الوقت، وهما: جالينوس، وابن سينا.
-غير أن أعظم مؤلفاته تتمثل في موسوعته الكبيرة المعروفة بـ"الشامل في الصناعة الطبية". وقد نهضت إليها همة الدكتور يوسف زيدان في مصر ونجح في جمع أجزاء الكتاب المخطوطة. وتطلع المجمع الثقافي في أبو ظبي إلى هذا العمل، فأخذ على عاتقه نشره محققا، فخرج إلى النور أول أجزاء هذا العمل في سنة (1422هـ = 2001م)، وينتظر توالي خروج الكتاب في أجزاء متتابعة.
وكان ابن النفيس قد وضع مسودات موسوعته في ثلاثمائة مجلد، بيّض منها ثمانين، وهي تمثل صياغة علمية للجهود العلمية للمسلمين في الطب والصيدلة لخمسة قرون من العمل المتواصل. وقد وضعها ابن النفيس لتكون نبراسًا ودليلاً لمن يشتغل بالعلوم الطبية.
اما في مجال الطب بشكل عام فقد خطا العرب وخصوصاُ علماً الطب وعلى رأسهم ابن النفيس خطوات واسعة فى استعمال العقاقير للتداوى فهم أول من أنشأ حوانيت . خاصة لبيع الادوية واقدم من أسس مدرسة للصيدلة بل هم أول من وضع كتب الادوية " الأقرباذين" كما ألفوا العديد من الرسائل فى الصيدلة كان من أولها ما وضعه جابر بن حيان أبو الكمياء المشهور الذى نبغ حوالى عام 776 .
وأول مستشفى عام تم انشاؤه فى الدولة الاسلامية كان على يد الخليفة الاموى الوليد بن الملك بمدينة دمشق عام 706م وزوده بالطعام والادوية والملابس وعمره بالأطباء والصيادلة ثم أنشأها هارون الرشيد البيمارستان الكبير الذى كان أول مستشفى فى بغداد مطلع القرن التاسع ولم يمر على ذلك الكثير من الوقت حتى ظهرت فى العالم الاسلامى مستشفيات أخرى بلغ عددها أربعة وثلاثين مستشفى منها أول مستشفى فى القاهرة الذى أنشأ ابن طولون نحو سنة 872م .


اما في مجال التغذيةلقد اهتم الاطباء المسلمون بظاهرة اتزان المركبات الكميائية فى جسم الانسان لذا نرى جابر بن حيان يحاول أن ينصح العامة بالحفاظ على صحتهم من خلال تعادل المواد الغذائية فى الوجبات اليومية حتى يتمكنوا من تحصين أنفسهم ضد الأمراض الفتاكة والحصول على عمر اطول .
كما قام أبو العلاء بن زهر والذى ولد فى أشبيليه سنة 486هـ بدراسة مفصلة عن مرض السرطان فى المعدة والبلعوم " ولا تزال ابحاثه هذه مثيرة للدهشة حتى وقتنا الحالى حيث طور طريقة التغذية عن طريق الحقن الشرجية وهو أول من اكتشف اخراج البلعوم والتهاب الناسور وتكلم عن البواسير بشكل مفصل .
وكان أبو الحسن الطبرى الذى ألف كتابه الشهير " فردوس الحكمة " أول من ذكر أن السل هو مرض ينتقل بالعدوى وأنه لا يصيب الرئتين فقط بل الأعضاء الأخرى .

اما طب العيون فيعتبر من ابتداع المسلمين فقد بلغ هذا العلم ذروته بجهودهم وظلت أبحاثهم فيه الحجر الاساس له خلال عصور طويلة واستمرت مؤلفاتهم فى ذلك تدرس فى أوربا باعتبارها الكلمة الأخيرة فى معظم جامعات الطب الأوربية كما كانت له اكتشافات عظيمة الشأن فى هذا المجال فشرحوا عيون الحيوان تشريحا فسيولوجيا وعرفوا السبب فى حركة مقلة العين وتم ترجمة كتاب بن زهر المسمى المجريات فى الطب الى اللاتينية الى عنوان أما ابن الهيثم فقد شرح فى مقالته الشهيرة " جوهر البصل وكيفية وقوع الابصار " وثبت نظرية الابصار ونفى الاراء الضعيفة وبقيت نظريته مأخوذا بها حتى جاء كبلر 1571 – 1630 م الذى أضاف اليها بعض المعلومات المتممة ، وفى مجالات طب العيون كانت مؤلفات الكحال على بن عيسى البغدادى .
من الاعمال العظيمة فى طب العيون وبقيت أعماله مترجمة مرجعا رئيسيا فى طب العيون حتى القرن الثامن عشر ، كذلك لعبت ترجمات الطبيب عمار الموصلى دورا مميزا فى طب العيون بشكل عام .
أمراض القلب
وكان ابن النفيس موضوع بحثنا هذا من أشهر من ألف فى ذلك المجال فاكتشف لأول مرة الدورة الدموية الصغرى فأشار الى أن" حركة الدم ليست حركة مد وجزر كما كان سابقا وانما اتجاه الدم ثابت ، يمر فى تجويف القلب الأيمن الى الرئة حيث يخالط الهواء ثم يعود من الرئة عن طريق الوريد الرئوى الى التجويف الأيسر من القلب .
الطب الجراحى : الاطباء المسلمون هم أول من أرسى قواعد الطب الجراحى وجعلوا له اصولا وقواعد ثابتة وكانت مدارس الأندلس الطبية هى الوحيدة فى أوربا والتى تخرج أطباء مؤلين للجراحة فى خياطة الجروح . وكان الأطباء المسلمون وخاصة الزهراوى أول من طور الآلات الجراحية وصنفوها حسب الحاجة اليها وطوروا طريقة الكى فى العمل الجراحى لما نستعمله اليوم .
وكانوا يعرفون تماما بعض الأمراض تنتقل بالعدوى مثل الجردى والكوليرا والطاعون كما انهم أول من وضعوا الامتحانات الطبية للأطباء ومنحهم شهادة تحت اشراف لجنة متخصصة تعيينها الحكومة وكانت أوائل مدارس الطب فى العالم الاسلامى أنشئت فى العصر العباسى مع عصر بن جعفر المنصور .
أثر ابن انفيس على علوم التشريح:
عندما نستعرض تاريخ الطب الإسلامي نجد أنه قد أضاف الكثير إلى العلوم التشريحية عن طريق الترجمات والمؤلفات الأصلية.
وفي ذلك الوقت كانت المفاهيم اليونانية عن الأخلاط قد ترسخت، وترسخ معها ما جاء به جالينوس عن الخصائص التشريحية لجسم الإنسان.
وكانت معلومات جالينوس عن هذه الخصائص تنهض على مشاهداته عندما قام بعدة عمليات محدودة لترشيح الحيوانات، فقد كان تشريح الجثث الإنسانية محظورا، باعتباره من الأمور التي تدخل في نطاق الذنوب والخطايا. أما على الجانب العربي فقد كان يحدث أحيانا أن يصف شعراء الجاهلية بعض أعضاء جسم الإنسان كالقلب والرئتين والكبد والطحال والكلى.
ولكن وصفهم لهذه الأعضاء يكشف عن مدى ضحالة معلوماتهم، كما يكشف عن غرابة تفكيرهم وتصوراتهم لأشكال هذه الأعضاء أو لوظائفها. فقد كانوا يعتقدون أن الكبد هو مركز الغضب، وأن القلب مركز الشجاعة والأهواء، وأن الرئتين مركز الخوف، وأن الضحك ينشأ في الطحال، وأن الجشع يستقر في الكليتين. وموجز القول أن معلومات عرب الجاهلية عن الأمور التشريحية لم تكن تستند إلى أساس علمي بقدر ما كانت تصطبغ بصبغة أدبية شعرية.
أما أثر الطب الإسلامي على دراسة العلوم التشريحية فيمكن تقسيمه إلى مرحلتين:
أ- مرحلة الترجمات: (من القرن السابع إلى القرن التاسع الميلادي).
قبل عام 800 م كانت الترجمات قليلة ومتباعدة زمنيا. فقد قام جورجيس بن باختيشو الذي عاصر حكم الخليفة المنصور (754- 774) وابنه جبريل ابن باختيشو بترجمة بعض الآثار اليونانية القديمة إلى اللغتين العربية والفارسية، ثم نشطت حركة الترجمة في عهد الخليفة المأمون (13 8- 833). وما كاد القرن التاسع يطل على العالم إلا وكانت مئات من المؤلفات اليونانية قد ترجمت إلى العربية والسوريانية والفارسية. وقد أنشأ المأمون ما سمى في ذلك الوقت ببيت الحكمة، وعهد إليه بتنظيم حركة الترجمة وتقديم العون اللازم للقائمين بها. وفي ذلك الوقت كان يعقوب الأيديسي متخصصا في الترجمة إلى اللغة السوريانية، بينما تخصص يحى البطريقي في الترجمة إلى العربية، حيث نقل أليها عددا من المؤلفات اليونانية في مختلف الموضوعات، رمنها التشريح. وربما كان أعظم مترجمي ذللت القرن على الإطلاق هو حنين ابن إسحاق (3 0 8- 873) وكان يساعده في أعمال الترجمة ولده إسحاق ابن أخيه حبيش بن الأسعم. وبحلول النصف الثاني من القرن التإسع كانت جميع مؤلفات جالينوس تقريبا قد نقلت إلى اللغة العربية، وكان إسهام حنين وحده في ذلك المجهود الخارق لا يقل عن 129 مؤلفا.
وكان واحدا من أشهر كتبه " كتاب الأغذية! ترجمة لكتاب جالينوس "De almentorum Facultatibus" تلك المرحلة كانت الترجمات من الغزارة بحيث تعطي المرء انطباعا بأن الطب اليوناني قد نقل بالكامل وزرع في قلب الطب الإسلامي. ومن الجهة التشريحية كان لتعاليم جالينوس عن الهضم والدورة الدموية ونظرياته عن النفس والأخلاط أبلغ الأثر على الطب الإسلامي.
وفاته
كان ابن النفيس إلى جانب نبوغه في الطب فيلسوفًا وعالمًا بالتاريخ وفقيها ولغويًا له مؤلفات في اللغة والنحو، حتى كان ابن النحاس العالم اللغوي المعروف لا يرضى بكلام أحد في القاهرة في النحو غير كلام ابن النفيس، وكان يقضي معظم وقته في عمله أو في التأليف والتصنيف أو تعليم طلابه.
وفي أيامه الأخيرة بعدما بلغ الثمانين مرض ستة أيام مرضًا شديدًا، وحاول الأطباء أن يعالجوه بالخمر فدفعها عن فمه وهو يقاسي عذاب المرض قائلا: "لا ألقى الله تعالى وفي جوفي شيء من الخمر"، ولم يطل به المرض؛ فقد توفي في سَحَر يوم الجمعة الموافق (21 من ذي القعدة 687هـ = 17 من ديسمبر 1288م).
----------------------------------------------------------------------------------------------


من مصادر الدراسة:
· الذهبي: سير أعلام النبلاء – تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين – مؤسسة الرسالة – بيروت – 1985م.
· ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار – صورة خطية نشرها معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية – فرانكفورت – ألمانيا الغربية (1408هـ = 1988م).
· بول غليونجي: ابن النفيس – سلسلة أعلام العرب – الدار المصرية للتأليف والترجمة – القاهرة – (1402هـ = 1982م).
· أحمد عيسى: معجم الأطباء – دار الرائد العربي – بيروت - طبعة مصورة عن طبعة القاهرة – (1402هـ – 1982م)
· كمال السامرائي: مختصر تاريخ الطب – دار النضال – بيروت – (1410هـ – 1990م).