سلطان العجلوني


"موفد حزب الله طمأن أهلي في معان بأنني مشمول في صفقة التبادل"..العملية التي نفذها الأسير الأردني سلطان العجلوني تدرس للإسرائيليين..
على الرغم من نجاحه الكبير في اقتحام موقع عسكري حدودي محصن ورغم ان العملية التي نفذها تدرس الآن في الكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية قال الأسير الأردني سلطان العجلوني انه العملية لم تكن مخططة مسبقاً.
كان عمره 18 عاما عندما خرج من منزله في مدينة المفرق في الثالث عشر من شهر كانون الأول لعام 1990 متوجها إلى معسكر "دامية" على الحدود الأردنية – الإسرائيلية حاملا معه مسدسا حيث أطلق النار على حراس المعسكر مما أدى إلى مقتل أحدهم. وأثناء تقدمه داخل المعسكر تعطل سلاحه فاشتبك بالأيدي مع الجنود وتمكن من إصابة أربعة منهم بجروح إلى ان تمت السيطرة عليه واعتقاله.
ووصف العجلوني السجن الذي عاش فيه ثلاثة عشر عاما قائلا: "انه قبر، نعم انه كالقبر.."
ومن داخل سجن بئر السبع يشعر العجلوني ان كل اتفاقيات السلام الأردنية – الإسرائيلية قد تجاوزته ورغم ذلك يقول "الأمل بالله دائما قائم وعندي أمل كبير في ان يفرج عني في الصفقة المنوي تنفيذها بين إسرائيل وحزب الله".
بكالوريوس من جامعة تل أبيبسلطان طه محمد العجلوني من مواليد مدينة المفرق في الأردن بتاريخ 1-1- 1974، وله ستة اخوة وست أخوات هو أصغرهم كان عند اعتقاله طالبا في الصف الثالث الثانوي الفرع العلمي والآن أنهى دراسة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة تل أبيب المفتوحة العبرية ويدرس الماجستير في نفس الجامعة تخصص علوم سياسية أيضا.
من دون تخطيط.. وحول العملية التي نفذها قال العجلوني: "في 13-11-1990 دخلت من منطقة "دامية" إلى داخل المعسكر وأطلقت النار على شاويش أول قتل في نفس اللحظة، ولكن ما حدث أن السلاح الذي كان معي تعطل فدخلت في عراك مع الجنود الآخرين بالأيدي حتى تم اعتقالي.
وتابع العجلوني: "لم اخطط لهذه العملية ولكن في تصوري لو كنت خططت مسبقا لها لم تكن لتنجح بهذا المستوى".
واشار العجلوني الى انه التقى في تلك الفترة مع مسؤول كبير في الشرطة الإسرائيلية كان يخدم في وحدات "حرس الحدود" وقد اخبرني أن العملية التي قمت بها كانت تدرس لهم.
من محنة إلى منحة..وحول تجربته داخل السجن قال العجلوني: "ألخص هذه التجربة بمزيج من الأمل والألم من المعاناة، كان الإيمان بالله موجودا وكانت محاولات استغلال اللحظة موجودة ومحاولة تغيير الواقع من محنة إلى منحة واعتقد إنني نجحت في جزء منها كوني أنجزت دراستي الجامعية والتي ما زلت فيها واعتقد أنني وصلت إلى جزء من الهدف الذي كنت واضعه لنفسي وأصبحت أتقن عدة لغات الان وهي الإنجليزية والعربية والعبرية وأحاول أن اختص في المجال الإسرائيلي وقد كتبت أبحاثا في هذا المجال وقد نقدت بعض الصحف الإسرائيلية وحققت بعض الإنجازات الشخصية".
وأوضح العجلوني: "أنا لم أكن حالة فريدة.. هناك الكثير من الأخوة داخل المعتقلات استطاعوا أن يحققوا إنجازات على مستواهم الشخصي واستطاعوا أن يحولوا المحنة إلى منحة وهذا كله توفيق من رب العالمين وبعد ذلك يعود الفضل للأخوة الذين التقيتهم في بداية الاعتقال داخل السجن حيث قاموا بتوجيهنا واخص بالذكر الشهيد إسماعيل أبو شنب، وقد كان من أكثر الشخصيات التي أثرت فيّ بعد والدي، عند التقائي به كنت شابا صغيرا في السن وعشت معه سنوات وكان يقوم بتوجيهي والاهتمام بي واعتبره مربيا حقيقيا. وعند سماعي نبأ استشهاده فقدت بذلك مربيا وأستاذا وقائدا وقدوة وحتى الآن لم استطع الحديث مع بيته "ولا اعرف ما هو الحديث الذي يمكن أن أتحدث فيه".
اللقاء الأول مع الأهل.."نعم زارني الأهل عدة مرات وكانت أخر زيارة منذ ثلاث سنوات وأول مرة زاروني فيها كانت بعد سنتين من اعتقالي".
وتحدث العجلوني قائلا: "كان عندي علم مسبق بهذه الزيارة. وعندما حان موعدها ودخلت الغرفة المخصصة لذلك.. كانت هناك حالة صمت مطبق لدى الجميع على عكس العادة وذلك بسبب وجود حوالي ثلاثين سجينا وحوالي 150 من الزائرين في الغرفة ذاتها.. ولكن عند دخولي صمت الجميع والكل ينظر نحوي حتى يلاحظوا الموقف.. كان الوالد والوالدة في انتظاري وكانت الوالدة تبكي، فقلت السلام عليكم.. إذا واصلتي البكاء سأرجع إلى الداخل.. أرجو أن تتوقفي عن البكاء" فأجابت: سأتوقف، وبعدها بدأ اللقاء، والحمد لله معنوياتهم كانت عالية".
أمل الإفراج..وقال العجلوني: "بفضل الله لم اعش لحظة إحباط داخل السجن، ولكن هناك لحظات أثرت في نفسي ومنها اللحظات التي كانت تتعلق بالافراج عن الأسرى ابتداء من أوسلو إلى هذا اليوم خاصة وان هناك أشخاصا كثيرين غادروا ونحن داخل السجن، ولكن في كل هذه الاتفاقيات لم نكن نبني أي أمل باستثناء مرة واحدة وهي محاولة اغتيال خالد مشعل ولكن هذا الأمل أيضا خاب، وذلك لأنه كان هناك اتفاق واضح بين الحكومة الأردنية والإسرائيليين على إطلاق سراح جميع الأسرى الأردنيين ولكن حصل ما حصل والجميع يعرف إلى ما انتهى عليه هذا الاتفاق خاصة وانه كان الملك حسين آنذاك قد أعلن بشكل رسمي انه لن يبقي أسيرا أردنيا واحدا داخل السجون الإسرائيلية خلال الـ48 ساعة القادمة، فكانت خيبة الأمل، ومن تلك اللحظة أصبحنا لا نثق بأي شيء ما لم يتحول إلى واقع".
وحول أمله في الإفراج من خلال الصفقة المنوي تنفيذها بين إسرائيل وحزب الله قال: "الأمل بالله دائما قائم وعندي أمل كبير ولكن في نفس الوقت أنا حذر حيث لا يوجد شيء محسوم في السياسة، ويمكن أن تعطل بأي لحظة وأي حجة وأي سبب، ولكن المعروف لنا وقد ابلغنا به من قبل حزب الله أن إسرائيل موافقة على إطلاق جميع الأسرى العرب، ولنجعل باب الأمل مفتوحا أمامنا ولا نعرف متى سنتحرر".
وأشار الى أن موفدا من حزب الله زار أهله في معان "وطمأنهم بأني مشمول في الصفقة".
ويقول الأسيرالعجلوني: "أنا منذ اليوم الأول لاعتقالي كنت أتمنى أن أكون خارج السجن، وأكثر هذه اللحظات عندما تشعر انك تستطيع أن تقدم شيئا، ولكنك مسجون. وتشعر أحيانا انك تستطيع أن تقدم في مجال معين، ولكن الظرف الذي تعيش فيه يمنعك من تقديم شيء معين وهذا له اثر في نفسيتي".
وعن أول عمل سيقوم به في حال تم الإفراج عنه ووصوله إلى مسقط رأسه قال العجلوني: "اصلي ركعتين في مسجد الحي، وأقوم بزيارة إلى منزل أحد الأخوة الأردنيين المفقودين قبل زيارة البيت إن شاء الله".
وعن شعوره إذا خرج من السجن وترك خلفه زملاءه وأصدقاءه وأخوة عاش معهم سنوات طويلة وهم يقضون المؤبدات قال العجلوني: "سبق وان سمعت عن المتسلق الأمريكي الذي علقت رجله بين صخرتين فقطعها ليستمر واعتقد أن وضعي متشابه.. سأخرج وأنا اترك جزءا من جسدي هنا".
الأسرى الأردنيين..واشار العجلوني إلى ان الأسرى الأردنيين يلتقون داخل السجن وانه يتم التعامل معهم كأي سجين، شأنهم شأن أي سجين فلسطيني. وقال: "من الخصوصيات التي نختلف فيها عن غيرنا أننا محرومون من الزيارات، وكذلك صدر قانون إسرائيلي من الكنيست بتحديد المؤبدات إلا أن هذا القانون استثنى الأردنيين".
ظروف الاعتقال..وحول ظروف الاعتقال التي يعيشها الأسرى داخل السجون الإسرائيلية قال العجلوني: "لم يسبق لها مثيل، وهذه العبارة سمعتها ممن قضوا 20 و25 عاما في السجون، حيث الوضع الدولي بشكل عام والحكومة المتشددة والانتفاضة والمسؤولين عن الواقع في السجون ووزير الأمن الداخلي ومدير إدارات السجون كلهم معروفون بتشددهم الواضح، كل هذه الأمور أسهمت في جعل الحياة داخل السجون صعبة جدا بالإضافة إلى دخول أعداد كبيرة ممن لم يمروا في مراحل التربية والتجربة المطلوبة من جميع التنظيمات فأسهم ذلك في إضعاف الأداء لدى الحركة الأسيرة وأيضا الأمل الزائد عن حده في قضية التبادل جعل هناك تراخيا وتعاطيا سلبيا مع بعض الإحداث عند قيادة الحركة الأسيرة وتمرير المواقف التي ما كان يجب تمريرها".
رسالة..ووجه الأسير العجلوني رسالة إلى العرب والعالم بأن "قضية الأسرى هي قضية الأمة، وانه لا يوجد هنا أي أسير معتقل لسبب شخصي، وكل الأسرى اعتقلوا دفاعا عن كرامة الأمة ومقدساتها، والمفروض من الأمة بالمقابل أن تقابلهم بما يستحقون وهي مقصرة جدا في هذا المجال".